كيف تكتب الإطار النظري للبحث؟
بين غلافي البحث ستجد مجموعة من المكونات ومن بينها عنصر يمثل السواد الأعظم من المضمون. وهذا هو الإطار النظري للبحث. فالإطار النظري للبحث هو عبارة عن عنصر أساسي من عناصر البحث. ويكون المكون الأكبر بما لا يقل عن 70% من مضمون البحث كاملاً. و كذلك الباحثين يجدون في الإطار النظري المساحة الكافية لطرح المعلومات والنقاشات وتحليلها. ومن هذا المنطلق سنقوم بالتعرف عن قرب على الإطار النظري ومكوناته وخصائصه وكيفية كتابته كنموذج متكامل لهذا الإطار من بدايته إلى نهايته… .
ما هو الإطار النظري للبحث؟
الإطار النظري للبحث يأخذ اسم الإطار المفاهيمي أيضاً. وهنا لابد من التركيز على كلمة النظري كمحدد أساسي لفهم هذا المصطلح. إذ أن كلمة النظري توحي بوجود طرح كتابي يتم صياغته ودمجه في البحث. والآن يمكن القول بأن تعريف الإطار النظري للبحث هو: مكون من مكونات البحث الأساسية التي يتم فيها تناول موضوع البحث وفرضياته والمحددات الأخرى على شكل تحليلات ونقاشات وأفكار وخلفيات فكرية معمقة. للإحاطة بهذا الموضوع والوصول إلى نتائج البحث العامة.
وفي تعريف آخر بسيط يمكن القول بأن هذا الإطار هو تفعيل لكافة المعلومات التي تم كتابتها في خطة البحث. بمعنى أن المعلومات التي تم كتابتها في خطة البحث سيتم استخدامها بشكل مفصل في هذا الإطار النظري. و كذلك فإن هذا الإطار يربط ما بين الصياغة النظرية والصياغة للتطبيقات العملية. على سبيل المثال يضع الإطار المعلومات على شكل فقرات وعناوين. و كذلك يقوم الباحث خلاله بكتابة طبيعة التنفيذ العملي الذي قام به مثل جمع المعلومات وتحليلها. ونضع المحددات التالية كتوضيح للتعريف الاصطلاحي الذي يحمله الإطار النظري:
- الطرح المعلوماتي الذي تشمله الفصول الدراسية المنهجية وعناوينها الرئيسية والفرعية تعتبر الوجه الأبرز للإطار النظري. إذ أن هذه الفصول هي القالب الأساسي الذي يحتوي الإطار النظري للبحث.
- يشمل هذا الإطار المفاهيمي على العديد من العمليات منها التحليلات والنقاشات و كذلك العمليات التنفيذية مثل عملية التحليل الإحصائي.
- يرتبط كامل مضمون الإطار المفاهيمي بموضوع البحث وفرضياته بشكل أساسي، و كذلك يرتبط بالمعلومات التي تمت كتابتها في خطة البحث.
مما يتكون الإطار النظري للبحث؟
في الحقيقية ليس هناك مكونات أساسية أو عناصر منظمة لهذا الإطار مثل ما هو موجود في خطة البحث. فلا يمكن أن نقول أن الإطار المفاهيمي يتكون من (الموضع ثم الفرضيات ثم الأهداف….وهكذا). فهذا لا ينطبق على الإطار المفاهيمي. ولكن هناك عناصر عامة لابد وأن يحتويها هذا الإطار. وهذه المكونات هي عبارة عن عمليات فكرية وصياغية. ولعل الأمر لا يزال مبهماً بعض الشيء ولكن في النقاط التالية سنقوم بالإيضاح أكثر حول مكونات الإطار النظري للبحث:
أولاً: الفرضيات والمتغيرات: وهي المحددات الأساسية التي يتكون منها الإطار المفاهيمي. فلا مبالغة في القول بأن الفرضيات والمتغيرات يدور حولها معم محتوى الإطار المفاهيمي. وقولنا الفرضيات والمتغيرات يعني ربط المضمون بشكل مباشر بموضوع البحث وأهدافه.
ثانياً: التحليلات والنقاشات والشروحات: لا يمكن لأي باحث أن يقول قد أنجزت الإطار المفاهيمي ما لم يقمّ هذا الباحث بوضع بتحليل ونقاش وشرح المعلومات في صياغة فكرية معمقة، وذلك للإحاطة بجوانب الموضوع.
ثالثاً: معلومات العينة: المعلومات التي تم جمعها من أفراد العينة باستخدام أدوات الدراسة. يتم تناولها في الإطار المفاهيمي بشكل مفصل، و كذلك يتم دمج هذه المعلومات مع معلومات أخرى في طرح تفاعلي هام.
رابعاً: المراجع والدراسات السابقة: الاقتباسات التي يتم أخذها من المراجع والدراسات السابقة يتم دمجها في مضمون الإطار المفاهيمي. وهنا لابد من توثيق هذه الاقتباسات ودمج الاقتباسات في سياق المعلومات الأخرى.
خامساً: عملية التحليل الإحصائي: هذه العملية تعتبر جزء من أجزاء الإطار المفاهيمي. فتفاصيلها ونتائجها يتم ذكرها في مضمون الإطار المفاهيمي، وهنا لابد من التطرق لهذه العملية في فصل خاص بها.
سادساً: العناوين الرئيسية والفرعية للفصول: يتكون البحث من مجموعة من الفصول الدراسية. وأغلب هذه الفصول المعلوماتية بما فيها من عناوين رئيسية وعناوين فرعية تندرج تحت الإطار المفاهيمي.
كيف تكتب الإطار النظري للبحث؟
المكونات الخاصة بالإطار النظري للبحث التي ذكرناها في الفقرة السابقة هي المحرك الرئيسي لعملية كتابة الإطار النظري في البحث. ولهذا لابد أن نعود لقراءتها قبل أن تقرأ خطوات كتابة الإطار المفاهيمي. و كذلك هذه الخطوات التي سنقوم بكتابتها هي عبارة عن خطوات مسهلة لا خطوات منهجية. بمعنى أن الإطار المفاهيمي ليس له خطوات رئيسية لكتابته بل هناك طرق اجتهادية عديدة. وفي هذه الفقرة وضعنا فقرة اجتهادية مميزة لخطوات كتابة الإطار المفاهيمي:
- لابد من اكتمال خطة البحث وتحديد الدراسات السابقة، و كذلك لابد من اعتماد كافة عناصر خطة البحث لاسيما الموضوع والفرضيات، و كذلك لابد من اكتمال جمع المعلومات من العينة باستخدام أدوات الدراسة وتجهيزها على أوراق مسودة خارجية.
- من موضوع البحث وما يرتبط به من فرضيات حدد العناوين الرئيسية للفصول المعرفية الدراسية التي سيحتويها البحث. وتحديد هذه العناوين لابد أن يكون بشكل دقيق وبتأني.
- بعد إتمام تعيين العناوين الرئيسية المكونة للفصول المعرفية في البحث تنتقل لتحدد العناوين الفرعية الخاصة بكل فصل دراسي، وما أن تنتهي من فصل حتى تنتقل إلى الذي يليه، وهنا لاحظ أننا لم ندخل في كتابة المضمون بعد بل كل ما قمنا به هو تحديد العناوين الرئيسية والفرعية فقط.
- ستمسك بالفصل الدراسي الأول وتبدأ بصياغة المعلومات فيه وفقاً لعناوينه الفرعية. مع التأكيد على التحليل والنقاش والتفصيل والطرح المعلومات الشيق.
- بعد الانتهاء من الفصل الدراسي الأول تنتقل للفصل الثاني وهكذا تى تنتهي من كافة الفصول، ومن ثم تقوم بتجميع هذه الفصول وترتيبها بشكل منطقي صحيح.
- أخيراً، ستصل إلى كتابة النتائج، وهنا لابد أن تكون هذه النتائج خاصة فقط بما تم تناوله في الإطار النظري للبحث، لأن النتائج العامة للبحث تكتب بعد الانتهاء بشكل كامل من البحث، ولا تنسى التنسيق والترقيم والتوثيق.
خصائص ومميزات للإطار المفاهيمي:
يعكس الإطار النظري للبحث العديد من الخصائص والمميزات التي تعبر عن مكانته في مضمون البحث، ومعرفة هذه الخصائص والمميزات يجعل لدى الباحث إدراكات حول سبب كتابة هذا الإطار، و كذلك فإن خصائص ومميزات الإطار المفاهيمي تكون عبارة عن وقائع تؤثر في مضمون البحث كاملاً، وفيما يلي من نقاط سنقوم بعرض الخصائص والمميزات مع بيان تفسير كل منها على حدة:
أولاً: الإطار النظري للبحث له المساحة الأكبر: يمثل الإطار المفاهيمي في البحث المساحة الأكبر من حيث عدد الصفحات، بل إن هناك فرق كبير بين عدد صفحات الإطار وباقي العناصر، على سبيل المثال قد يكون عدد صفحات الإطار 50 صفحة في حين أن عدد صفحات الخطة 6 فقط.
ثانياً: الارتباط بباقي العناصر: في خطة البحث يتم وضع رؤوس الأقلام التي يتناولها الإطار بشكل معمق ومفصل تفصيلاً شاملاً، و كذلك فإن هذا الإطار يعرض الاقتباسات والمعلومات المأخوذة من الدراسات السابقة، ولا شك أنه يرتبط أيضاً بالنتائج وباقي العناصر الأخرى للبحث.
ثالثاً: الشمولية: ستجد في مضمون الإطار النظري الشمولية على عدد كبير من المعلومات، منها المعلومات المجمعة من العينة ومن المراجع، و كذلك النقاشات والطرح الجديد، و كذلك التجارب والبراهين، فهذا المضمون يعتبر مضموناً شاملاً لموضوع البحث.
رابعاً: الاقتباسات والتعليق عليها: من خصائص الإطار المفاهيمي دمجه للاقتباسات المأخوذة من المراجع والدراسات السابقة والتعليق عليها بالتفسير والنقاش والمقارنات.
خامساً: التنظيم والانتقاء: الهيكل العام الذي يتخذه الإطار المفاهيمي من وجود عناوين رئيسية وأخرى فرعية، وترابط الفصول وتتابعها يعتبر من الخصائص الهامة التي يعكسها هذا الإطار، و كذلك ليست أي معلومة يتم إدراجها في الإطار المفاهيمي بل لابد من إدراج المعلومات بعد انتقاءها بشكل محكم.
سادساً: التكثيف المعلوماتي حول الموضوع وفرضياته: في الإطار المفاهيمي يكون الموضوع وفرضياته هو المادة الأساسية للمعلومات. ويمكن القول بأن قراءة الإطار المفاهيمي لوحده يمكن أن يكسب القارئ ما لا يقل عن 90% من مقصد البحث بشكل عام.
ضوابط لابد من مراعاتها في الإطار النظري للبحث:
في كتابة الإطار النظري للبحث لابد أن يلتزم الباحث بالعديد من الضوابط والمعايير التي ترتبط بالكتابة الصحيحة لهذا الإطار، وأول هذه الضوابط هو المصداقية فلابد أن تكون المعلومات الواردة في الإطار المفاهيمي ذات مصداقية ولا يتم دمجها قبل التحقق منها، وبذكر المصداقية تذكر الأهمية والقيمة المعرفية لهذه المعلومات، و كذلك لابد أن يقوم الباحث بالترتيب الصحيح للعناوين داخل الإطار المفاهيمي، وهذا الترتيب يعتمد عل المنطق من الدرجة الأولى، على سبيل المثال ليس من المنطق الإخبار عن الآثار والمسببات قبل الإخبار عن التعريف.
ومن هذه الضوابط أيضاً أن يكون مضمون الإطار المفاهيمي متمحوراً حول الموضوع الذي يتناوله الباحث في بحثه، ولا يكون المضمون مشتتاً، و كذلك يعتبر الأسلوب الصياغي من الضوابط التي لابد من مراعاتها فالواجب على الباحث أن يقوم بصياغة هذا الإطار بشكل متقن وتأتي هذه الصياغة شاملة على التنويع في الطرح من النقاش والبراهين وما إلى ذلك من محددات.
وتعتبر عملية التوثيق من الضوابط الملازمة لكتابة الإطار المفاهيمي، فكل اقتباس يتم ذكره لابد له من توثيق وذلك مراعاة لأخلاقيات العمل البحثي، و كذلك لا تنتهي عملية إعداد الإطار المفاهيمي بكتابته فلابد من اتباعه بالتنسيق من البداية للنهاية، وهذا التنسيق يأتي وفقاً لرؤية منهجية تضعها الجامعة من خلال المشرف على البحث.
هل الإطار النظري للبحث هو الفصول الدراسية داخل البحث؟
أنظر إلى فهارس مجموعة من الأبحاث، وتمعن بها جيداً، فلابد وأنك لاحظت اختلافات بين هذه الفهارس، على سبيل المثال قد تجد بحثاً جعل الفصل الأول عبارة عن خطة البحث ومن ثم بدأ بالفصول الأخرى، وقد تجد بحثاً آخر أفرد فصلاً للدراسات السابقة، وقد تجد بحثاً ثالثاً لم يقم بإفراد فصل دراسي للدراسات السابقة، إذاً هنا نقول بأن الإطار النظري للبحث هو عبارة عن الفصول المعلوماتية المعرفية التي ترتبط بموضوع البحث، والمقصود بهذا أن الإطار النظري للبحث هو كافة الفصول الدراسية باستثناء فصل خطة البحث الذي قد يأخذ اسم (اجراءات الدراسة)، و كذلك باستثناء فصل الدراسات السابقة في حال أفردها الباحث ضمن فصل منفصل.
ملاحظات هامة لهذا المقال:
قبل أن ننهي هذا المقال رأينا أن نضع مجموعة من الملاحظات الهامة حول ما أوردناه في هذا المقال بشكل عام، أول هذه الملاحظات أنك ستلاحظ أننا تعمدنا استخدام كلمة (الإطار المفاهيمي) بشكل واسع تعبيراً عن الإطار النظري للبحث، وهذا تأكيداً على أن الإطار المفاهيمي هو نفسه الإطار النظري، و كذلك نضع ملاحظة هنا حول الفرضيات والمتغيرات وعلاقتهما بمضمون الإطار النظري إذ أنهما مكونان رئيسيان له.